اخيرا اصدرت اللجنة التحقيقية المكلفة من الحكومة للتحقيق في ملف العراق (و التي تعرف بتقرير جيلكوت) تقريرها في السادس من يوليو 2016، بعد سبعة اعوام من بدئها.

بالإضافة الى مساهمتها في التقرير، فأن منظمة ضحايا حرب العراق كانت قد علقت مسبقا على لجنة التحقيق بينما كانت لا تزال في عملية التحقيق.

هذا اول تعليق لنا بعد الانتهاء من التحقيق و اصدار التقرير.

بريطانيا لم تظهر اي اهتمام بمراقبة اعداد الضحايا المدنيين

منظمة ضحايا حرب العراق على تقرير جيلكوت

7 يوليو 2016

قدم تقرير جيلكوت عن حرب العراق دليلا دامغا جديدا عن عدم رغبة الحكومة البريطانية بأخذ ضحايا الحرب العراقيين بنظر الاعتبار، ومن الواضح ان العبارات الختامية للتقرير يدعم فكرة انه الوقت قد حان لبريطانية لان تؤسس نظاما دقيقا لتسجيل ضحايا حرب العراق والحروب الاخرى التي شاركت بها.

هذا كان اهم اسهامات التقرير ذو الخمسين صفحة (المقطع 17) و الذي جاء تحت عنوان "الضحايا المدنيين" و الذي لم يقوم باي جهد لان يوضح من و عدد الضحايا المدنيين في الحرب. فيقول التقرير:

"لا يستطيع هذا التقرير ان يقوم بشكل مستقل على تحديد عدد الضحايا نتيجة الحرب على العراق او حتى تحديد الخسائر البشرية التي تكبدها الشعب العراقي بسبب الحرب" (المقطع الثالث)

ويعتبر هذا نقصا واضحا في تقرير رسمي الذي وصفه في البداية رئيس لجنة التحقيق السير جون جيلكوت على انه شامل: "ضحايا حرب العراق" كانت قد اشارت مسبقا و ضمنته في ما قدمته للجنة التحقيق. بالنسبة للعراقيين الذين يدفنون موتاهم كل يوم، والذين كانوا يتأملون ان يقدم التقرير تفصيلا كاملا عن الضحايا التي فقدوهم و عن معاناتهم بعد الحرب، فأن تقرير التحقيق كان خيبة امل كبيرة لهم.

ومع هذا فأن "ضحايا حرب العراق" قد رحب بالتقرير لان احد اهم استنتاجاته هي ان الحكومة تتحمل مسؤولية ان تضمن تسجيل ضحايا الحرب. فتشكيك التقرير بالطريقة التي تعاملت بها الحكومة البريطانية مع الضحايا العراقيين يوضح كيف ان الحكومة لم تتعامل مع هذه القضية كما يجب: فلم يكن تعاملها مع الموضوع على انه امرا على الحكومة ان تتعامل معه لصالح ضحايا العنف المسلح و عوائلهم، لكنه كان اداة سياسية في "لعبة القاء اللوم". فقد كان اهتمام بريطانيا الوحيد هو تحسين صورتها المشوهة من خلال الاستمرار في "التأكيد علنا على بعض الاعمال الوحشية ضد المدنيين" و التي ارتكبها "المتمردين/الارهابيين" كجزء من "رغبتها في الاستمرار بتوفير الدعم الداخلي للعمليات في العراق" (130، 131، 270). وهنا تكمن خيبة الامل لكل الاطراف المعنية و نثني على التقرير لأنه قدم هذا بشكل صريح و مباشر.

فعلى سبيل المثال يظهر تقرير جيلكوت بأن نصيحة مكتب الخارجية و الكومنويلث لمكت بلير (في اكتوبر 2004) كانت:

"لقد طلبتم تقييما للخسائر البشرية في العراق، مع الملاحظة انه لا نستطيع نحن ان نضع الرقم 10.000-15.000 دون ان نشكك به كما لو كنا مسؤولين عنهم جميعا... مكتب الخارجية و الكومنويلث ينصح بأن نستمر على التأكيد في الاعلام على مسؤولية الارهابيين عن الضحايا المدنيين في الحوادث الفردية. فهناك القلق من التقييم الاجمالي للضحايا المدنيين سوف يظهر القوات متعددة الجنسيات في العراق هي المسؤولة اكثر من الارهابيين/المتمردين. (131)

و يوضح جيلكوت ايضا بأنه للمرة الاولى عملت هذه الدوافع السياسية على دفع الحكومة لان تحاول مراقبة و تسجيل الضحايا المدنيين، فقط من اجل التخلي عنها قبل ان تباشر بها، وذلك ربما لأنها فشلت في تحقيق الاهداف المطلوبة.

ليس هناك في تقرير جيلكوت اي اشارة الى ان مصلحة العراقيين كانت من ضمن حسابات الحكومة؛ بينما كانت ارقام اعداد الضحايا التي اصدرتها الجهات الاخرى، كمنظمات المجتمع المدني مثل "ضحايا حرب العراق"، كانت ببساطة ارقام افتراضية—ربما دقيقة—كانت لتدمر هذه الحسابات.

و بعد توضيح قلة اهتمام الحكومة بقضية ضحايا العراق، فأن الفقرة 17 تتضمن من بين استنتاجاتها:

"271: بالرغم من انه جاء متاخرا، الا انه كان يجب بذل جهودا اكبر في فترة ما بعد الحرب من اجل تحديد عدد الضحايا المدنيين و التأثيرات الواسعة للعمليات العسكرية ضد المدنيين. فمحاولة مراقبة اعداد الضحايا ابتدأت في نوفمبر 2004 لم تكتمل. فلقد صرف الوقت و الجهد من العمل الرسمي من اجل تحديد اي الاقسام سوف يتحمل مسؤولية اصدار اعداد ضحايا الحرب بدلا من صرف الجهد و الوقت على تحديد الاعداد".

و ترى منظمة ضحايا حرب العراق بأن هذه دعوة صريحة الى الحكومة البريطانية من اجل تصحيح الفشل الذي حققته في هذا المضمار. نحن نحث الحكومة للعمل مع الاطراف المهتمة و المعنية، و من بينهم العراقيين انفسهم، من اجل الوصول الى سجل عام كامل و شامل للضحايا من فترة الغزو الى اليوم الحاضر.

يجب ان لا يكون هناك اي محددات لمثل هذه الجهود: فالحياة التي فقدناها لا يمكن استعادتها ابدا، لكن التحدث عن الخسائر البشرية و حكاية قصصهم هي مسؤولية لا تنتهي. فالأدلة من المجتمعات التي مزقتها الحروب تقول ان البحث عن الحقيقة يستمر الى سنوات و عقود بعد انتهاء الحرب. فليس هناك من نسيان في قاموس عوائل و احباء اولئك الذين قتلوا، حتى يكون هناك اعترافا انسانيا بكل حياة فقدوها.

المقطع الاخيرة للفقرة 17 لا تعطي توصيات بخصوص العراق للحكومة البريطانية، لكن هناك بعض النقاط ذات المضمون العالمي. فيقول جيلكوت

"216. في يونيو 2006 قامت بريطانيا مع العديد من الدول الاخرى بتوقيع اعلان جنيف للعنف و التطور المسلح. قرر فيه الموقعون ان يعملوا على تقليل العنف المسلح و تأثيره السلبي على التطور الاقتصادي و الاجتماعي للإنسان، من خلال مبادرات من اجل "قياس الخسائر الانسانية و الاجتماعية و الاقتصادية للعنف المسلح و من اجل تقييم المخاطر و نقاط الضعف و تقييم فعالية برنامج تقليل العنف المسلح و من اجل نشر المعرفة عن افضل ما توصلنا اليه من نتائج"

و يضيف التقرير ايضا

"217. اصبحت بريطانيا احد الاعضاء الخمسة "للمجموعة المؤسسة" المسؤولة عن تنفيذ اعلان جنيف"

على ضوء هذا الالتزام، كان من المتوقع من الحكومة البريطانية ان لان تؤدي دورا اكثر فعالية من الذي لعبته الى يومنا هذا في تطور طرقا افضل و اكثر شمولية في تسجيل ضحايا الحب المدنيين، خاصة في الحروب التي كانت هي طرفا فيها مثل ليبيا و سوريا.

سوريا. ان تسجيل ضحايا الحرب لا يجب اهماله، و بالتأكيد يشكل جزء من الدور الذي تؤديه القوات الغازية. ومع ذلك، فأن الواقع يقول ان الجهود المبذولة من اجل تسجيل و نشر تفاصيل الضحايا المدنيين الذين قتلوا في تلك الصراعات لا تزال تبذل من قبل منظمات المجتمع المدني. فمعظم الحكومات ومن بينها الحكومة البريطانية لم تؤدي دورا ملموسا في هذا المجال.

وتبعا لهذا، تتفق منظمة ضحايا حرب العراق مع تأكيدات جيلكوت التي تقول:

"277. يرى التقرير بأن الحكومة تمتلك المسؤولية لان تبذل كل جهد ممكن من اجل تعريف و فهم التأثيرات المحتملة و الفعلية على المدنيين بسبب الحروب"

"280. يجب ان تكون الحكومة مستعدة للعمل مع الاخرين، و خاصة منظمات المجتمع المدني و المؤسسات الاكاديمية من اجل تطوير عملية التقييم و تسجيل الضحايا".

1 لمعرفة المزيد عن المبادرات العالمية، يمكنك قراءة الصفحة الرسمية كل ضحية

و من اجل معرفة المزيد عن الضحايا العراقيين، يمكنك قراءة العراق: الذاكرة الالكترونية

فمثل هذه التوصيات تتفق مع نداء الحركة الدولية المتزايدة من اجل الانتباه اكثر للخسائر المدنيين، و التي ترى انه من مسؤولية الدول و الاطراف الاخرى في الصراع لضمان ان كل ضحية للعنف المسلح "قد تم تسجيلها و تعريف هويتها بالشكل الملائم". 1 فقط عندما يكون هذا هو المعتاد عندها يمكننا تعلم افضل الدروس من الحروب و تبعاتها و يمكن عندها تجنب تكرار الخسائر البشرية.