منظمة ضحايا حرب العراق تحتاج الى دعمكم العاجل لمساعدتنا على الاستمرار في توثيق الضحايا المدنيين - ساعدنا من خلال التبرع الآن.

 

على ضوء تقرير الامم المتحدة في أكتوبر 2014 حول اختراقات القانون الدولي في العراق، قامت عضو منظمة "ضحايا حرب العراق" ليلي هامورتزيادو بمناقشة كيف ان مثل هذه الجرائم غالبا ما يتم تبريرها من قبل مرتكبيها.

لغة و افعال الدول و اللادول

جرائم لا يمكن التحدث عنها، افعال ليس لها تبرير و دائما من اجل "قضية حق"

المؤلف: ليلي هامورتزيادو
16 تشرين الاول 2014

"قام متمردو الدولة الاسلامية في العراق بتنفيذ اعدامات جماعية، و خطف النساء و البنات وجعلهن رقيق يباع و يشترى و استخدموا اطفالا مازالوا اطفالا في ظاهرة ممكن اصبحت جرائم حرب نظامية تتطلب اليوم ايقافها، كما قالت الامم المتحدة في يوم الخميس (2 تشرين الثاني)... و في تقرير استند على 500 مقابلة مع شهود عيان، قالت (الامم المتحدة) بأن القصف الجوي للحكومة العراقية على المسلحين المسلمين السنة قد سببت "الكثير من الضحايا المدنيين" بواسطة ضرب القرى، و مدارس و مستشفيات خرقا للقانون الدولي". 1

اخر المشاركين "الجدد" الذين دخلوا الصراع هذه السنة و الذي يدعى "الدولة الاسلامية"، التي كانت تعرف سابقا القاعدة في العراق. نوع العنف الذي جلبته ليس بجديد على العراق، في الحقيقة العنف ضد المدنيين لم يتوقف ابد ولو حتى ليوم واحد بعد الصدمة و الرعب في 2003. ومع ذلك، ومع انضمام الدولة الاسلامية لميدان المعركة، و الذي تبعه عودة القوات الجوية الامريكية و البريطانية، من بين قوات اخرى، فأن العراق عاد ليستحوذ على العناوين الصحفية مرة اخرى.

القوة الجديدة تسمي نفسها دولة. على الاقل تطمح لتكون دولة. و تشعر بأنها مؤهلة بأن تكون هناك، حالها كحال دولة المملكة المتحدة و فرنسا و الاردن و كندا و دول الخليج و غيرها، ومؤهلة للسعي وراء السلطة و السعي وراء تحقيق مصالحها و تقتل من اجل تحقيقها. كيف يمكن لأي من هذه الدول ان تسعى وراء السلطة و السعي وراء تحقيق مصالحها و القتل من اجلها؟

"الحدود الدولية هي علاقات اجتماعية مميزة بين البشر المنظمة كدول و لها سيادة. وكما هو الحال عند الدول نفسها، الحدود بينهم هي تراكيب اجتماعية: يمكن ان يتم تقنينها و يمكن الدفاع عنها و يمكن غض النظر عنها و يمكن اختراقها و يمكن تعطيلها و يمكن تحريكها و يمكن تغيير اهميتها. خريطة أوربا في 1400 كانت تختلف عن الخارطة في 1700 و التي كانت ايضا تختلف عن خارطتها في الوقت الحالي". [2] 2

2ار اج جاكسون، الحدود و المجتمع الدولي، في كتاب روبرتسون، المجتمع الدولي و نظرية تطور العلاقات الدولية. بينتر 1998، ص. 157

اذا كانت الحدود قد وجدت و اخترقت و تحركت و تم الدفاع عنها كل هذا الوقت، فلماذا الدولة الاسلامية لا تستطيع ان تكون هناك و تتحدى تلك الحدود و تحاول خلق حدود جديدة وترسم حول نفسها حدودا و تعلن نفسها دولة ذات السيادة. ولماذا لا ليس لديهم الحق في السعي وراء تحقيق الحياة التي يردونها حسب قناعاتهم بعيدا عن اي تدخل خارجي ضمن الارض التي اعلنوا انها لهم؟ مثل ما فعلت الدول الغربية لعدة قرون، في اوريا، في الامريكيتين، و معظم العالم الاستعماري. و دائما يتطلب الامر الكثير من التضحيات من المدنيين. حقيقة ان الدولة الاسلامية هي حاليا ليست دولة ، وهي مجموعة ارهابية، تستخدم حاليا لمقارنتها مع الدول التي تقتل بشكل شرعي. في القانون الدولي، العنف الذي تمارسه الدولة يعتبر قانوني بينما العنف الذي تمارسه "غير الدولة" ليس بقانوني.

بكلمات اخرى، "الدولة" يعني شيء جيد، "الدولة" يعني كينونة قانونية و اللادولة سيئة و ليس قانونية. ومع ذلك فأن التاريخ يشير الى ان اكثر الحروب دموية والتي كان عدد اكبر من الضحايا في الجنود و المدنيين في اخر مئة عام، كانت قد حصلت من قبل الدول. الحرب العالمية الثانية ، خلال فترة 6 اعوام، ادت الى موت ما يقدر ب 20 مليون انسان. احد الدول استخدمت القوة النووية ليس لتقتل فقط لكنت ايضا لتشوه و تجعل الاجيال المستقبلية تعاني من القنبلة الذرية، و دولة اخرى اعدمت ملايين المدنيين في مخيمات الاحتجاز، و دولة اخرى مارست كل انواع العنف باستخدام الاسلحة كيمائية و بيولوجية، استخدمت النساء سبايا و عذبوا و دفنوا احياء.

الكلمات ليست حيادية. فاللغة ساعدت في صناعة العالم، و اثرت في ادراكنا و مشاعرنا. فلقد ساعدتنا في معرفة "البطل" او "الارهابي"، و ساعدتنا في وصف العمل "قانوني" و تصرف اخر "غير قانوني" للتعبير عن قبولنا او رفضنا، و اعلان هذا "صحيح" او "خطأ". اللغة تستخدم لخلق نوع من الغضب، و الخوف و الفخر، و التعاطف. الكلمات و الواقع يتن اعادة تشكيلها باستمرار حيث يظهر العنف الذي تمارسه الدولة معقولا و العنف الذي تمارسه غير الدولة ليس كذلك، حيث الخير يصارع الشر و "حرب الارهاب" تظهر على انها حربا عقلانية و ضرورية,

الدولة الاسلامية تستخدم نفس السياسات:

"هاجمت الدولة الاسلامية و مجموعة الحلفاء و دمروا اماكن ذات اهمية دينية و ثقافية في العراق و التي لا تنسجم مع منطقها التكفيري، كما يقول تقرير الامم المتحدة، مشيرا الى ما يعتقده المسلحين السنة الذين يبررون عنفهم من خلال تسمية الاخرين بالكفار". 1

يبررون العنف الذي يرتكبونه باستخدام لغة دينية و الاشارات الى الرسالة السماوية. فالقتل الذي يرتكبونه يعتبرونه "ارادة الرب" و قطع الرؤوس العلني للأجانب هو خطأ الغرب.

ان قضية شرعية و لا شرعية استخدام القوة ليس لها حلا سهلا. فكل طرف يدعي ان لديه اسبابا وجيهة في استخدام قواته و اسلحته بينما جميع الاطراف تقوم بقتل المدنيين. سواء كانوا دولا او غير ذلك. العراق، الولايات المتحدة، و الامم المتحدة، و الدولة الاسلامية، و القاعدة و جيش المهدي و العديد من الانطراف الاخرى قامت بالشيء نفسه على مر السنين. كل طرف يعتقد هو فقط لديه السبب الوجيه لأفعاله و هو فقط الذي كان العنف لديه رد فعل لأفعال الاخرين تجاهه و هو فقط لديه حق القصف و القتل و الدفاع و تغيير الوضع الراهن. اما تطبيق نفس المنطق على الطرف الاخر، فهذا غير مسموح به ابدا.

في خضم كل هذه التبريرات و الاسباب الوجيهة و الاشارات السماوية، الابرياء يتفجرون و يوجه عليهم السلاح يوميا. يقصفون، يطلق عليهم النار، و تقطع رؤوسهم. سواء كانوا شبابا، كبارا، اطفالا، ذكورا او نساء. اكثر من 13 الف منذ بداية العام. و عند البحث عن هؤلاء المتوحشون علينا ان نتذكر ان جميعنا قادر على ممارسة الوحشية، سواء كانت الوحشية قانونية ام ليست كذلك.

وهذه احد الاسباب لماذا تقوم المنظمات مثل "ضحايا حرب العراق" بتسجيل اعداد الضحايا و تعتبره مهما ان يقوموا بتسجيل كل حالة موت دون ان يكون هناك حكم مسبق على الحالة على انها جريمة حرب او اختراق لقانون دولي، او انها قانونية او ان هناك سبب وجيه يمكن ان يعطيه احد الاطراف في الصراع. و هكذا ومنذ اذار 2003 كانت منظمة "ضحايا حرب العراق" تسجل الضحايا المدنيين في العراق بسبب الانفجارات و بسبب القصف الجوي و قط الرؤوس و اطلاق النار و من قبل كل معتدي: متمرد، دولة، او جندي اجنبي. القرار النهائي في الحكم على اي منها كان قانوني واي منها لم يكن كذلك يبقى قرارا للدول و المجتمع الدولي ليتخذه. الذي نحتاجه بشكل منطقي قبل ان نتخذ مثل هذا القرار –قبل ان يكون هناك اي شمولية في القرار—هو جمع و توثيق جميع البيانات المتوفرة حول من قتل اين و متى و كيف قتل. و هو النشاط الذي ضلت منظمة "ضحايا حرب العراق" تحاول فعله كل يوم و كل سنة، منذ ان تم غزو العراق.

و كل يوم تستمر التقارير من العراق:

العثور على 13 جثة رميت في مزرعة جنوب تكريت

اعدم صحفي عراقي في الموصل

قتل واصيب 39 مدني في منطقة الكاظمية بسبب انفجار انتحاري

قتل و اصيب 17 مدني بقصف صاروخي في شمال و شرق تكريت

انفجار سيارات في بغداد يقتل 43 مواطن في منطقة شيعية

صحفي، و ناشط سياسي، و جدة مع احفادها، و اخوة، و زوج مع زوجته و ضباط شرطة و عوائل المسلحين و مزارعين يعملون و نساء تتسوق و اناس مثلي ومثلك. لكن دمائهم تسيل على ارض معركة يقاتلها غيرهم و طريق يمشيه الاخرون من اجل إمبراطورتيهم.